بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
حكى الأصمعي: قال: بينما أنا أسير في البادية إذ مررت بحجر مكتوب عليه هذا البيت:
أيا معشر العشاق بالله خـبـروا
إذا حل عشق بالفتى كيف يصنع
فكتبت تحته:
يداري هواه ثـم يكـتـم سـره
ويخشع في كل الأمور ويخضع
ثم عدت في اليوم الثاني فوجدت مكتوباً تحته:
فكيف يداري والهوى قاتل الفتى
وفي كــل يوم قـلبه يتـقـطـع
فكتبت تحته:
إذا لم يجد صبراً لكتمـان سـره
فليس له شيء سوى الموت أنفع
ثم عدت في اليوم الثالث فوجدت شاباً ملقى تحت ذلك الحجر ميتاً لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وقد كتب قبل موته:
سمعنا أطعنا ثم متنا فـبـلـغـوا
سلامي على من كان للوصل يمنع
وحكي أيضاً عن الأصمعي رحمه الله تعالى أنه قال: بينما أنا نائم في بعض مقابر البصرة إذ رأيت جارية على قبر تندب وتقول:
بروحي فتى أوفى البرية كـلـهـا
وأقواهم في الحب صبراً على حب
قال: فقلت لها يا جارية بم كان أوفى البرية وبم كان أقواها؟ فقالت: يا هذا، إنه ابن عمي هويني فهويته فكان إن أباح عنفوه وإن كتم لاموه فأنشد بيتي شعر وما زال يكررهما إلى أن مات والله لأندبنه حتى أصير مثله في قبر إلى جانبه فقلت لها: يا جارية فما البيتان؟ قالت:
يقولون لي إن بحت قد غرك الهوى
وإن لم أبح بالحب قالوا تصـبـرا
فما لامرئ يهوى ويكـتـم أمـره
من الحب إلا أن يموت فـيعـذرا
ثم إنها شهقت شهقة فارقت روحها الدنيا رحمة الله تعالى عليها والحكايات في ذلك كثيرة، وفي الكتب مشهورة ولولا الإطالة والخوف من الملالة لجمعنا في هذا المعنى أشياء كثيرة، ولكن اقتصرنا على هذه النبذة اليسيرة والله سبحانه وتعالى أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
منقول