لم يكد رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلن عن نزول الوحى عليه, ولم يكد يباغ أيات كتاب الله وحتى انساب الحديث عن (الجمال) فى سنته رقراقا عذبا. التفت لعائشة فى احدى المرات وقال: يا عائشة: (ان الاسلام نظيف فتنظفوا فانه لايدخل الجنة الا النظيف) ثم ابتسم ابتسامة نبوية وهو يضيف :"(ان الله جميل يحب الجمال)
اهتم ديننا الحنيف بالجمال البشرى اهتماما لايقل عن جمال الارض والسماء والطير والبحر والقمر والنجوم ,وقد بدأ هذا الاهتمام بترسيخ مبدأ النظافة. تقول أم المؤمنين عائشة: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لايرقد من ليل او نهار فيستيقظ الا تسوك قبل أن يتوضأ ..ثم يقول السواك مطهرة للفم ,مرضاة للرب ,والركعتان بعد السواك احب الى من سبعين ركعة قبل السواك).
واذا كانت هناك روايات تشير الى ان النبى صلى الله عليه وسلم نهى عن استخدام وسائل الجمال المعروفة الآن فان السيدة عائشة توضحها وتفسرها.
فقد روى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال
لعن الله القاشرة والمقشورة- اى التى تغير من لون بشرتها كأنها تغير جلدها- ولعن الله الواصلة والمستوصلة - اى التى تصل شعرها بشعر مزور-) وتضيف السيدة عائشة :نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن ( الواشمة والمستوشمة , والواصلة والمستوصلة والنامصة - النمص هو ترقيق الحواجب - والمتنمصة)
وسئلت عائشة عن الحناء ؟ قالت : شجرة طيبة وماء طهور ,ثم سئلت عن الحفاف (بكسر الحاء وفتح الفاء) -ازالة شعر الوجه - قالت : ان كان لك زوج فاسطعت ان تنزعى مقلتيك فتصنعيهما احسن مما هى فافعلى.
ونظرت السائلة الى يد السيدة عائشة فلم تر بها اثرا للحناء فابتسمت عائشة وهى تقول : لابأس يخضاب للحناء , ولكنى اكرهه ,فان حبى رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكره ريحة.
وتكمل عائشة :مدت امرأة من وراى الستر بيدها كتابا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبض النبى يده وقال (ما ادرى أيد رجل أو يد امرأة ؟) قالت : بل يد امرأة , فقال: (لو كنت امرأة غيرت أظافرك بالحناء)
بل اوجب رسول الله صلوات الله وسلامه عليه على المرأة المسلمة أن تلتزم بقدر من التجمل و التزين طول حياتها , سواء جلست فى بيتها او خرجت للمشاركة فى الحياة الاجتماعية وحسب تعليق الشيخ عبد الحليم ابو شقة؛ ومن الزينة الظاهرة :الخضاب فى اليدين والكحل فىا العينين وشئ من الطيب فى الخدين (انواع الطيب والاصباغ كالصفرة والزعفران نبات اصفر اللون يصبغ به ويطيب - والخلوق - طيب مخلوط بزعفران - والخمرة - بضم الميم خلبيط من الطيب تطلى به المرأة وجهها ليحسن لونها )
ولم يعفها الشارع من الالتزام بقدر من الزينة الا فى حال الحداد على الميت وهو ثلاثة ايام لا تزيد ,اللهم الا على زوج فأربعة أشهر وعشر أو حتى تضع المرأة ان كانت حامل .وعلى المرأة ان تلتزم بالتزيين الفعلى للخروج من الحداد وهذا ما فعلته أم حبيبة و زينب بنت جحش و أم عطية.
ويعلق الشيخ عبد الحليم ايو شقة : الالتزام بالاعتدال يعنى ان تمضى المرأة فى حياتها العادية على سجيتها و فى زينتها المعتدلة الظاهرة فهذا هو سمتها فى عامة احوالها. وهى لن تقصد الى التزين عندما تسعى اللى لقاء الرجال او عندما يسعى الرجال الى لقائها. فهذا لايليق بالمرأة المؤمنة التى تتحرى اجتناب مثيرات الفتنة . انما هى الزينة الظاهرة سواء أقامت فى البيت او غادرته وسواء دخل عليها نساء او دخل عليها رجال.
واخيرا فان معنى زينة المرأة فى الوجه يحددها الشيخ عبد الحليم ابو شقة و ينقل من ابى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (طيب الرجال ما ظهر ريحه و خفى لونه - اى العطور - وطيب النساء ما ظهر لونه و خفى ريحه - اى الماكياج والاصباغ)
واما زينة العينين فى سنة النبى الخاصة بالنساء فهى الكحل تقول ام عطية : كنا ننهى ان نحد على ميت فوق ثلاث الا على زوج اربعة اشهر وعشرا ولا نكتحل ولا نطيب ولا نلبس ثوبا مصبوغا.
وزينة الكفين فهى الخضاب والخاتم والسوار فعن ابن عباس قال: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ومعه بلال فظن انه لم يسمع النساء فوعظهن وامرهن بالصدقة فجعلت المرأة تلقى القرط - اى الحلق - والخاتم وبلال يأخذ فى طرف ثوبه.
اختكم في الله